منتدى الزهراء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الزهراء

¤¦¤`•.•`منورنا ياღ زائر ღلاتنسى الصلاة على محمد وال محمد ¤¦¤`•.•`
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 استقبال شهر رمضان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محب الزهراء
مشرف عام
مشرف عام
محب الزهراء


ذكر
المزاج : الحمدلله
صور المزاج : استقبال شهر  رمضان 16210
العمل/الترفيه : لايوجد
الموقع : منتدى الزهراء
عدد الرسائل : 2359
تاريخ التسجيل : 10/02/2008

استقبال شهر  رمضان Empty
مُساهمةموضوع: استقبال شهر رمضان   استقبال شهر  رمضان Emptyالأحد أغسطس 23, 2009 1:05 am


استقبال
شهر

رمضان






رمضان مدرسة ذات فلسفة ورسالة



فشهر رمضان، مدرسة الروح والفكر
والضمير. ودورة تكميلية للنواقص البشرية. وحملة تطهيريّة، لتصفية الرواسب
التي تتكلس في قرارات الإنسان. خلال أحد عشر شهراً.



وبعد ذلك فشهر رمضان فترة الحضانة
والتفكير.



ولنشرح النقطة الرابعة ـ الآن ـ عسى
أنْ تفصّل الثلاثة الأوليات أثناء البحث.



فالإنسان الذي يعيش الاجتماع سنة
كاملة، يقتحم في غضونها كل جوٍ، ويباشر كل تفكير، ويمارس كل تجربة ومعركة
ومحيط، تترسب على عقله وقلبه وعواطفه، أكوام باهضة من (الغبار الاجتماعي)
الذي يثور في كل جو، نتيجة الصراع الاجتماعي الدائب في كل مكان، يعيشه أكثر
من إنسان ويتحرك فيه أكثر من نشاط.



وليس من المضمون، أنْ يكون الإنسان
أثيراً في كل جو وبيئة ومحيط، ومع كل نشاط وإنسان بحيث يعطي ويطوّر، ولا
يأخذ ولا يتطوّر، بل الإنسان مهما صلب ونشط، يتأثر كما يؤثر، كلمات هنالك:
إنّ العباقرة يؤثرون أكثر مما يتأثرون، والبسطاء يتأثرون أكثر مما يؤثّرون،
وأمّا البوتقة الاجتماعية، فلا تبرد عن مزج الشخصيات المنصهرة فيها، وتفريغ
النتاج المزدوج في نفوس المستلهمين من ذلك: (الجو الاجتماعي) المتألف من
مجموع الشخصيات المتفاعلة فيه... فكل من يتغذى من ذلك الاجتماع، يتغذى من
جميع الشخصيات التي عاشوا مترابطين منذ الأزل، فكان منهم ذلك الاجتماع، وكل
تفكير صورة جماعية لملايين الأفكار، وكل شخصية نتاج ازدواج ملايين
الشخصيات... ومن هنا ينشأ تطور الفكر البشري، الذي يوحي بتطور بقية مظاهر
الحياة.



ومتى كان (التفاعل الاجتماعي) دائباً
لا يفلُّ عن إنجاز هدف الطبيعة من الاجتماع، كان الفرد الذي يتكون تحت
رعايته، ويدرج في أحضانه، مصباً قهرياً لكافة تياراته، ومعرضاً أكيداً
للانحراف الطائش، مع اتجاهاته الكثيرة المتشابكة، من حيث يشعر ويريد، أم
يكره ولا يشعر.



وإذا صحت هذه الحقيقة ـ هي صحيحة ـ
واستسلم الفرد للتجاوب مع الاجتماع، والانصياع لإرادته وميوله، كان منقاداً
للمجهولات المتحكمة في ذلك الاجتماع، وكان جديراً بأن يتكسر ويتهدم، ويترسب
على عقله وقلبه وعواطفه، ما يعوّذ منه اليوم، ويغدو من العبر القائمة، التي
كان يستجير منها بالأمس، ويكون ريشة على متن الإعصار، لا يعلم لماذا، ومتى،
وأين يهوى به في القرار.



فلا بد لمن يعايش الاجتماع، من (عاصم
واع) يسلس له حتى يتجاوب ويتفاعل مع الاجتماع، فينمو ويتطوّر، إلى حيث يحسن
الانطلاق مع إرادة الاجتماع، والاندماج في مواكبه، والانضواء تحت راياته...
ويكفكفه من الاندفاع الطائش مع الإرادات الأجنبية، التي تسلل إلى الاجتماع
لتسخيره وتسييره في الاتجاهات المتطرفة، التي تبدأ من عقر بلادنا، وتنتهي
بدر خيراتنا في لهوات المستغلين والانتهازيين...



وهكذا، كان لا بد لكل إنسان يعيش
الاجتماع، من (مصقل) يتقن كشف واقع الحوادث، وتحديد موقف الفرد منها، كي لا
تنتهي بخسارته.



وكذلك المجتمع، الذي يكون (وحدة) في
المجموعة البشرية، المؤلفة من مجتمعات عديدة، يبقى عرضة دائمة، لشتى
الانحرافات، ونهزة لأقوى المجتمعات المتفاعلة في المجموعة البشرية، وكتلة
يترسب عليها الغبار العالمي.



فالمجتمع الحي الواعي، ليس هو الذي
يبقى مغلفاً معصب العيون، حتى يغدو وكراً للعناكب، ونفقاً مظلماً
للراقدين... ولا ذلك المائع السافر الذي لا يعرف الأسوار والحصون، ولا
يعترف بالطهارة والصدق، بل يفتح أحضانه لكل وافد منبوذ، ويرحب بكل عابر
ممسوخ... وإنّما ذلك المجتمع، الذي يفتح نوافذه على الشرق والغرب، لتختلف
فيه الأنسام، وتعكس فيه الإشعاعات، وتفاض عليه الاتجاهات والآراء والميول،
من قواعد الإرسال، فيدرس ويجرب كل واحد، فيغلق النافذة التي تتسلل منها
الأوبئات باسم الثقافات، ويوّسع النوافذ التي تهمي الثقافات النافعة، فيعيش
الموئل الخصب المأمون، الذي تتصافح فيه الحضارات والمدنيات، فتتفاعل
وتزدهر، ولكن لا يهمل واقعه بلا ضمان، حتى يصبح مصباً للمستنقعات العفنة،
ومرتعاً للزوائد الشاذة، وأرضاً للمعارك الأجنبية، التي تدور على حسابها،
ويقتطف نتاجها الآخرون.



فالاجتماع، الذي يريد أنْ يشعر بوجوده
العضوي، في الأسرة الدولية والعالمية، ويحب أنْ يمثل البشرية العادلة، التي
ليست بالمتأخرة ولا بالمتطرفة، عليه أن يرتبط بـ (معقل) حصيف، يحصنه من
الجمود والانجراف.



وفي شهر رمضان، يقوم بجزء من دور
(المعقل العاصم) وتتجسد رسالته في إسباغ الحصانة على الفرد والمجتمع.



فهو فترة التأمل والتفكير، ومحاسبة
النفس، وعرض الواقع الذي يعيشه الفرد والمجتمع، على ذلك (المعقل) المعصوم،
الذي لا يزل ولا يخطأ، وذلك (الضمان) الفردي والاجتماعي، الذي يحصن مرابطه
من التأخر والتطرف، ويكفل له الهداية والرشاد، إلى سواء الحقِّ والصراط
المستقيم، وهو (القرآن الحكيم).



فالإسلام قرر شهر رمضان، حتى يكون شهر
التبتل والانقطاع، الذي يسلخ الفرد ـ والمجتمع المتكوّن من الأفراد ـ من
التوغل في الحياة المادية الرتيبة، ليفرغه للتمسك بذلك (المعقل الحريز).



ألا ترى الإسلام، كيف دفع النّاس دفعاً
إلى تلاوة القرآن الكريم، في هذا الشهر العظيم، حيث جعل ثواب قراءة كل آية
منه في هذه الفترة، بمنزلة قراءة سبعين آية أو تلاوة القرآن كله، فيما سواه
من الشهور؟



ألا ترى الإسلام، كيف يحبذ الإكثار من
الأدعية المأثورة، التي تفصل أهداف القرآن، وخصص بكل وقت من أوقات هذا
الشهر أدعية تسد جميع الوقت، وتبلغ بالداعي أقصى درجات الوعي والصفاء؟



ألا ترى الإسلام، كيف حتم بصرامة
بالغة، صيام هذا الشهر كله، لتتميم رسالة رمضان، بتفريغ المعدة وكبح
الشهوات، اللذين يعملان على كشف الرواسب، وصقل الأذهان، لتتأهب للتلقي
والتجاوب والقبول؟.



ألا ترى الإسلام، كيف يحفّز على مواصلة
(الاعتكاف) في هذا الشهر، لينقل الصائم حتى من أجواء الحياة الصاخبة
المزدحمة، إلى جو عبادي هادئ، كيما يبتعد عن واقعه المألوف، فيتفرغ لضميره
وقرآنه وأدعيته، ليعرض عليها نفسه وحياته السابقة بكل هدوء وأناة، ثم يقول
هو كلمة ضميره وقرآنه وأدعيته في نفسه؟...



ألا ترى الإسلام، كيف يشجع على التأمل
والتفكير، حتى يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): (تفكر ساعة
أفضل من عبادة سبعين عاماً)؟.



ألا ترى الإسلام، كيف يُلفت النّاس إلى
فحص واقعهم، وتجديد النظر في أنفسهم، ويحذّرهم من مغبة الانطلاق الأهوج
وركوب الأهواء، فيقول على لسان نبيه الكريم: (حاسبوا أنفسكم قبل أن
تحاسبوا) فإنّ عثرة المسترسل لا تقال؟.



ألا ترى الإسلام، كيف يحرص على سهر
ليالي رمضان، وإحيائها بالذكر والتلاوة والصلاة، ويعوض النوم فيها بـ (نوم
القيلولة) قبل الظهر، حيث علم أنَّ جو الأسحار وهدوئها الملهم، يبعث على
صفاء الأفكار ونبوغ العبقريات؟



ألا ترى الإسلام، كيف يدعو ـ في هذا
الشهر ـ إلى حسن الخلق والعفو والإحسان، والتواصل والتحابب، وجعل ثواب كل
معروف مضاعفاً، ليذيب السخائم الداخلة، التي تغلي وتجيش، فيشغل الفكر
بواقعها الثائر، عن مهادنة الصائم، للانصراف إلى محاسبة حياته الماضية،
والاستلهام والتصميم للمستقبل؟.



ألا ترى بقية آداب وتعاليم رمضان، كيف
تتضافر على تجريد الإنسان من الشواغل الماديّة كلها، وتفريغه لواقعه وضميره
وقرآنه، يعرض واقعه على قرآنه، ويترك ضميره يحكم له أو عليه، في أمان ممن
يدس أنفه في المحكمة بلا استحقاق، ليؤنب هو نفسه على ما فرطت، ويصمم
لإلزامها الصواب حتى لا تخبط من بعد؟.



فرمضان بمؤهلاته وآدابه (فترة المحاسبة
والحصانة) التي لا يحصل الاعتدال والنبوغ إلاّ فيها، ولا يقدران إلا
بقدرهما... واعترافاً بهذا الواقع، نجد النوابغ، والعظماء يقدرون في برامج
حياتهم، ما يسنح لهم من فترات شاغرة للمحاسبة والتفكير، ولا تتأزم المواقف
إلا ويوفرون على تلك الفترات قطاعات أخرى من الوقت، لتعينهم على اقتحام
الأزمات بنضوج، وعندما يبرزون إلى الحياة، نجد حصانتهم بمقدار سعة تلك
الفترات.



ونظراً إلى هذا الواقع، يعتبر الإسلام
شهر رمضان، أقل فترة يجب أن لا ينقص منها أي إنسان، وحتى إذا ما نقصت تحت
إلحاح الضرورة، أو الطوارئ التي تلجأ إلى الأسفار، كان على الإنسان أنْ
يعوضه فيما يلي بمقداره، أما ما أنقص منها بلا مبرر، فعليه التعويض
والكفارة والعذاب، ولكن يستحب لمن يستطيع الزيادة أن يزيد، فليس ذلك إلا
توفيراً على الكمال الإنساني. فيستحب الصوم ثلاثة أيام في كل شهر أوله
ووسطه وآخره، وأيام الجمع، والأيام البيض، وشهور رجب وشعبان ورمضان، وأيام
أخرى لمناسبات أخرى، ثم من زاد فله الأجر...



ذلك جزء من فلسفة رمضان، وهذه فلسفة
رفيعة لا يحققها في واقعها غير النوابغ والعظماء، ولكن الإسلام بنظراته
الشاملة، التي تنكر الاستئثار، واستغلال فئة خيرات الدنيا، وإنْ كانت هي
العبقريات، فلا يحب الإسلام تخصيص السيادة بأفراد دون آخرين، وإنّما يرى
أنَّ كلَّ تطلّع إلى الحياة، يستحق من الحفاوة والرعاية، بمقدار ما يستحقه
أعظم الفلاسفة النابهين، حتى تكون المسؤولية عليه إنْ هو توانى عن استخدام
صلاحياته ومؤهلاته... وأنَّ كل فرد في حياته العائلية وعمله وأهدافه. يحتاج
إلى الرعاية والنبوغ، بمقدار ما يحتاجه الملك في تنظيم حكومته، فلابد من
تعميم التعاليم التربوية، وتوسيعها من القاعدة حتى القمة، ليتكون كل فردٍ
في حياته الخاصة والمشتركة غنياً يحمل في تفكيره النبوغ والنضوج، ويعرف
مصادر الحياة وأهداف الكون... ويعني ذلك خلق مجتمع متساوي القوائم
والأضلاع، وتعميم نظريات اجتماعية بالغة الأهمية.



وإذا صح أنْ في الشهور شخصيات.. فإن
شهر رمضان، شهر ذو شخصية لامعة، له مميز خاص، وطابع معين، لأنّه شهر يؤثر
في حياتنا ويحوّرها، ومن هنا كانت شخصيته، التي ينفرد بها، لا يدانيه فيها
أي شهر، حتى شهر الحج، لا ينافسه شخصيته، لأنّ الحج أيام معدودات، لا يشعر
بها إلاّ من يعيش في البلاد المقدسة، أو يفد إليها، أما شهر رمضان، فيملي
أحكامه من أول يوم فهي إلى آخر يوم، ثم لا يترك النّاس إلاّ وهم على أبواب
عيد، وهو يعيش ويمنح جوه الخاص للمسلمين، عموماً في مشارق الأرض ومغاربها،
لا كذي الحجّة، الذي لا يشعر بالحج، غير الواقفين في عرفة، أو الماكثين
بمنى.



فهو انتفاضة روحية عامة، وتوحيد للشعور
المادي بين المسلمين، وتأهيب سنوي لكافة الفئات والعناصر، والمتناقصة حول
كثير من المسائل والحقائق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alzahra.jordanforum.net
محب الزهراء
مشرف عام
مشرف عام
محب الزهراء


ذكر
المزاج : الحمدلله
صور المزاج : استقبال شهر  رمضان 16210
العمل/الترفيه : لايوجد
الموقع : منتدى الزهراء
عدد الرسائل : 2359
تاريخ التسجيل : 10/02/2008

استقبال شهر  رمضان Empty
مُساهمةموضوع: رد: استقبال شهر رمضان   استقبال شهر  رمضان Emptyالأحد أغسطس 23, 2009 1:06 am



شهر
التربية


وشهر رمضان شهر تربية، والرياضة
العملية، ومصح لمعالجة الغرائز والضمائر والأرواح.



فالإسلام الذي يحرم وجبات الطعام
الرتيبة المعتادة، طوال هذا الشهر، ويأمر جميع النّاس، بأن يغضوا الطرف عن
أقترف النظرة الأثيمة، وكبح المشاعر، عن اقتحام المغريات.. وإنْ يفطموا
شهواتهم، ولا يستجيبوا للنزوات المشروعة وغير المشروعة سواء... إنّما كان
يهدف من جميع ذلك، تكوين الوازع الخلقي، والزواجر الأدبية للأفراد، ليخفق
في قلوبهم الشعور برضا الخالق، والتطلّع إلى النعيم، كيما يجتهدوا لتطهير
أنفسهم من السخائم، واستدرار العطف والمكرمات فيها، وحتى لا يغفلوا عن
مداركة أرواحهم، بمنحها بعض الحقوق المفروضة لها..



وإذا كان المسلم يستقبل رمضان بهذا
الشعور، وهو يسلم قياده إلى العقيدة، التي تنوي بناء كيان المسلم من خلال
فرائضها.. يتضرَّم شوقاً إليه، ويحفل به بلهفة وجشع.. فيعلو ويتعاظم...
وأما اللذين لا يفقهون رمضان، إلاّ فرضاً محتماً، لزمهم كما تلزمهم
الأتاوات، والإلزامات الحكومية الجائرة، فهم الذين يستقبلونه كلّ عام بتذمر
ونقمة، ويجعلون من الصيام رواية تعرض على مسرح الرياء واللهو والمعصية، ولا
يمر بهم رمضان، إلا ويتسفلون، بمقدار ما يجب أنْ يرتفعوا به...


إغفال
الفلسفة


وأكثر ما يحز في واقع المسلمين ـ تجاه
رمضان ـ: أنّهم يتنكرون لفلسفته، ويغلقون أذهانهم عن وعي المعاني التي
يُفصح عنها الإسلام، من وراء هذا الشهر المبارك..



فمعظم المسلمين، لا يكادون يذكرون شهر
رمضان، إلاّ قبيل حلوله، ولا ينصرم عنهم إلاّ ويتناسونه، ويسدلون على
ذكرياته ستار الإهمال.


دراسة
رمضان


وأما دراسة رمضان، وأجوائه وأهدافه،
فتلاقي الجحود والعنت، أكثر من رمضان... رغم أنّ رمضان، يمثل الركن الرابع
من الإسلام، فيجب أنْ يُولي المسلم دراسته كلَّ عناية واهتمام.. ورغم أنّ
المعاني الحيّة، المتوفرة في هذا الشهر، تدر على الباحثين، موارد سخية،
تعمر البحوث والدراسات، بالنبوغ والتركز.



وحتى أولئك الذين تعنيهم دراسة رمضان،
إنّما يلخصونها في الفروع الفقهية، التي لا يصح الصوم إلاّ بمعرفتها،
كدراسة الأعذار المبيحة للإفطار، والأحوال التي توجب القضاء، أو القضاء
والكفارة معاً، وحكم الصائم في السفر الحلال أو الحرام.



أما جماهير المسلمين، فليس نصيبهم من
رمضان، سوى التقليد، ولا يفكرون في أكثر من الإمساك، والإفطار مع النّاس،
ليعتبروا بذلك ـ وحده ـ أنفسهم من الصائمين، الذين أدوا الفريضة، ونالوا
رضا الله، مع أنَّ الله لم يتجلَّ على المسلمين برمضان ـ كشهر للصيام ـ
إلاّ لينتزعهم من أحضان المادّية الخالصة، ثم يسمو بأرواحهم وأخلاقهم، إلى
مصافِّ المقربين... ومع أنّ رمضان، ليس مجرد شهر فُرض صيامه على النّاس،
ليعذبوا أنفسهم بالحرمان نهاراً، والسهر العاطل ليلاً، حتى مطلع الفجر...
فحكمة الله أرهف من أنْ يحتّم على عباده العذاب نهاراً واللهو ليلاً، فهو
لم يخلق الجن والإنس، إلاّ ليعبدوه عبادة معرفة تربوية، تطهرهم، وتذُهب
عنهم رجس الشيطان... وليس الهدف من العبادات، مجرد الطاعة والاستجابة من
جانب النّاس، والتسخير والتعجيز من جانب الله فحسب، وإنّما الهدف الأهم
والأجل أنْ تفيد العباد في حياتهم، وتصقل أرواحهم كيما تُحلّق بإنسانيتهم،
إلى حيث يليقون بالكرامة الإنسانية، التي أرادها الله للعباد.


نتيجة
الإغفال


فرمضان مدرسة... والصوم رسالة...
هدفهما نفض الإنسان، من الرواسب والزوائد، وإشماله بحملة تطهيرية وتربوية
بناءةً، توسع الإنسان كلّه: عقله وجسمه وروحه... وتعيد منه كلّ سنة خلقاً
جديداً، وتضفي عليه تبلوراً جديداً...



ولكن نتيجة الانشقاق الخطير، الذي صعق
المجتمع المسلم ـ على أثر تضافر عوامل وعناصر عديدة ـ فُنزع الإسلام من
المسلمين، وجعل من الإسلام شيئاً مثالياً أثرياً يُقدّس ولا يُنال، وجعل من
المسلمين شيئاً ثانياً مترسباً يرفض التوجيه والإصلاح...



ونتيجة تنصل المسلمين عن وعي الإسلام،
واقتناعهم باعتباره فرضاً محتماً، لمن أطاعه الجنّة، ولمن عصاه النّار...



ونتيجة إقصاء الإسلام عن دفة الحكم
والمجالات العامّة، وتقلّصه عن مراكز النشاطات القيادية، وانعزال المسلمين
إلى زوايا المساجد وعقر البيوت...



ونتيجة ازدواج الشخصية لدى المسلمين،
التي استهلت على أثر استفحال التجاذب الاجتماعي، وارتباك المسلمين، الذين
أصبحوا مصباً ومعتركاً لمختلف التيارات الفكرية الاجتماعية، فتكسرت شخصيتهم
القويمة، وتأثرت بتلك المؤثرات، التي تتكسر وتتناقض مع بعضها... فأضحى كل
مسلم صورة حية للتلاقح الاجتماعي، ونموذجاً حائراً، تحلل من ارتكازه الفطري
والديني، ولم يظفر بارتكاز آخر يحدد مواقفه إزاء الحوادث الجسام، التي
تتوارد بأرقام جنونية في دنيا اليوم، بل بقي متردداً بين الانحياز لقوى
الخير، أو التدهور مع المغريات...



ونتيجة مأساة الضياع والتمزق، التي
يعيشها الجيل المسلم المعاصر...



ونتيجة مؤثرات كثيرة، تحوّلت الفرائض
الدينية ـ في وعي المسلمين ـ إلى تقاليد لا تهدف إلاّ ذاتها، فهي مفروضة،
لأنَّ الله تعالى شاءها، فحسب... دون أنْ يعرفوا لها فلسفة، أو يتصوروا
أنَّ لها جذوراً وفروعاً معرقة في الحياة والمجتمع، فيحاولوا كشفها،
والتغلغل إليها... فكأن الله سبحانه، رامها بإرادة دكتاتورية عمياء، تطلب
لأنّها تريد... فهي تبغي... ولا بد أنْ يتحقق ما تروم... ولا مرد لما
تشاء... على النمط الأهوج، الذي ألفوه من بعض الحكام الفرديين، الذين كانوا
يُطلقون الأوامر التائهة، للتعبير عن استعلائهم، ثم يعاقبون على العصيان،
لا لضياع الهدف المنشود، وإنّما لأنّه يخدش غلوائهم العتيد، وإنْ اعترفوا ـ
في نفس الوقت ـ بأنَّ ما في ما طلبوه ألف خطأ مزمن يخبط المجتمع كله... فلا
بد أن يكون ما يطلبون، وإنْ اعترضته رقابهم، أو كانت فيه دمائهم... فتجب
الطاعة العمياء، وتحقيق المآرب الرعناء، لا لذاتها، ولكن لأنّهم طلبوا، ولا
بد أنْ يكون ما طلبوا... وتعالى الله العليم الحكيم، عمّا يرجف المنحرفون
علواً كبيراً...



وعلى أثر سيادة هذا التصوّر المهروس،
في بعض الأوساط، أصبح نوع تلقي النّاس للأوامر الشرعية، كما يمليه هذا
التصوّر، وأضحى أدائهم للواجبات كيفما يوحي به ذلك التصوّر، ومثلما يلهمه
ذاك التلقي، فكان الأداء مجرد صورة قالبية محدودة... ومن الطبيعي أنْ تكون
إطاعة التقاليد الجوفاء بإيجاد طقوس شكلية آلية، شبه أتوماتيكية. فالأمر
الذي يصدر لمجرد إعلان الذات، تكون إطاعته حركة تنطبق على أبعاد صيغة الأمر
فحسب، لإسقاط الواجب وكفى!...



وقد تغلغل هذا التصوّر الجاحد، في بعض
الأوساط المؤمنة، إلى حيث نرى النّاس يرفضون الإيمان، بأن الله تعالى إنّما
شاء الفرائض لتركيز الشخصية المسلمة ـ مثلاً ـ ولا يطيقون السير على الأسس
الجدّية العملية، لإنجاز مقاصد الإسلام، حتى بات من المُشاهد أنَّ كثيراً
من المتدينين، الملتزمين بحدود الله، لا يحققون هدفاً واحداً من أهداف
الإسلام، ولا تطفح أعمالهم وسلوكهم مسحة من روح الإسلام، وتعاليم الرسول...



فما أكثر المصلين، الذين يشهدون
الجماعة باهتمام أكيد، ولكنهم لا يتمالكون عن التطاول على ضعيف، وإهمال
جارهم الفقير، وتناسي قريبهم المريض... ولا يترددون في سبّ من يعارضهم في
أتفه الأسباب، أو لطم الطفل العابر، الذي يدوس سجادهم أو حذائهم، أو نهر
صاحبهم في صفوف الصلاة، بغلظة بادية، إذا ضايقهم المكان، أو أصابهم عضو منه
في حركة عفوية... دون أنْ يدور في خلدهم أنَّ الجماعة، وإنّما استحبت،
للتواصل والتوادد، وتكوين الجسد الواحد ـ الذي إذا اشتكى عضو منه، تداعى له
سائر الجسد بالسهر والحمى ـ من الأجساد المتفرقة، وإشاعة الشعور بالقوة
الروحية، وإشعار كلٌّ بأنَّ هنالك الكثيرون، ممن يشاركونه الرأي، ويتظافرون
عليه في العمل.



وما أكثر من يقول كل يوم الله أكبر،
مائة مرة، ثم يذوب تواضعاً واستكانة، إذا تصدى له جندي، أو قابله موظّف...
ويكيل المدائح المغالية جزافاً، لأصحاب المال والرئاسة... وينسى صلاته إذا
وطئته مشكلة أو مأساة... ممّا يؤكد على عزوف الحركة الدينية من ضميره،
وإخلائه للحركة التقليدية...



وتبعاًَ لنفس السبب، كثر في الصائمين،
من لا يعترف بصيامه الإسلام، ولا يعدو صومه حرماناً بليداً، كحرمان النائم
والمصروع، دون أن ينبض فيه حس من صيام له حركة وظل وروح...



فشاعت بينهم النماذج التالية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alzahra.jordanforum.net
 
استقبال شهر رمضان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كيف نستقبل رمضان
» حديث شهر رمضان
» اشتقاق رمضان>>>>>>>>>>
» ما أحلاك يا رمضان!
» فقه رمضان __________

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الزهراء :: شهر الله :: منتدى شهر رمضان-
انتقل الى: